الخميس، 7 أبريل 2011

المسيح و تاريخ الميلاد المزيف للشيخ ابو سفيان (9)

و بعد وفاة نبي الله داود عليه السلام تولى الحكم أبنه سليمان عليه السلام
فشرع في إكمال أو بناء مسجد بيت المقدس على الشكل الذي يليق به

و لم يكن مركز الدولة بحال من الأحوال في بيت المقدس
فالشام و العراق و جميع الأقطار المجاورة كانت خاضعة لدولة سليمان
و التي يسميها علماء الآثار بالدولة الآشورية
بالطبع لم يعد التوحيد حكرا على بني إسرائيل كذلك كان الأمر من قبل
لكنه أصبح واقعا ملموسا في معظم البلاد التي أذعنت عن رضا أو غير رضا لسلطان الدولة السليمانية
و كان مقتضى العدل عند سليمان عليه السلام أن يعامل اليهود بما يستحقون
فلم يكن عنصريا أو طائفيا إنما نبي يدعوا إلى دين الإسلام في كل بلد مكنه الله من الوصول إليه بل أشد ما يكون على منافقي اليهود و كفرتهم
و كان لا بد حيال ذلك من بروز القادة و الأمراء الأكفاء من غير بني إسرائيل
مما زاد من حجم الضغينة و الحقد عند هؤلاء الذين لعنهم داود أبيه و سيلعنهم عيسى عليه السلام فيما بعد

بسم الله الرحمن الرحيم
{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }المائدة78

ـــــــــــــــــــــ
لا نعلم حقيقتا كم دام حكم نبي الله سليمان و لا نعلم من تسلم السلطة بعده
و هل كان من بنيه أم من الأمراء من خارج بني إسرائيل
و حتى المدونات الآشورية التي وجدها علماء الآثار قد تكون طالتها يد التحريف المجوسي و ذلك بعد استيلائهم على الإمبراطورية البابلية
لكن المؤكد في الأمر و الله أعلم أن سليمان و من جاء بعده
لم يجعل من بيت المقدس و لا من فلسطين مركزا للسلطة
بل كانت هذه الأرض المباركة مركزا دينيا لكل من يريد عبادة الله فيها
و نظرا للفرق الشاسع بين تاريخ ظهور دولة سليمان كما رأينا سابقا و التي تعود إلى ما قبل القرن الثاني عشر قبل الميلاد المزيف هذا إن صحت روايات علماء الآثار
و التاريخ المزيف الذي كتبه عزرا و غيرهم و الذي يرجع دولة سليمان القرن العاشر قبل الميلاد
و بهذا نجد أن قرابة ثلاث قرون من لدن حكم داود الصحيح إلى زمن حكم داوود التوراتي قد اختفت من صفحات التاريخ
ما الذي حدث خلال هذه المدة ؟؟ الله وحده هو العالم بذلك
لكن من المرجح أن بيت المقدس بقي حتى القرن السادس على وضعه السابق مع بعض الاختلافات التي تعزى إلى التغير في سياسة السلطة المركزية في نينوة و إلى التغير الذي طال عقائد الساكنين فيها و إيمانهم
و لا بد أن تغيرات جذرية طالت العقيدة لدى ملوك أشور
كانت وراء إرسال الله سبحانه لنبيه يونس إلى نينوة
و التي كانت نتيجتها عودة الشعب و حكامه إلى الله
هذا بالطبع سيعطي نتيجة وأثر واضح في بيت المقدس
فالملوك الكفرة سيشجعون كفار اليهود لتولي زمام السلطة في فلسطين و
الملوك الذين يدينون دين الحق لا بد أنهم سينصرون الموحدين في بيت المقدس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد عمل ملوك أشور على حفظ الاستقرار في بيت المقدس
و لأمور ما زلنا نجهلها حتى اليوم لكن لا بد أن لها علاقة بصراع يدور في تلك الأرض بين طائفتي الكفر و الإيمان
فقد تدخل الملك تباشر في بداية الأمر ضد تحالف ملك دمشق و ملك السامرة
و أجلى بضع بلدان تابعة للسامرة و أحل بدلا عنهم أناس من أهل الجزيرة
ثم جاء سليمان الخامس و أكمل المهمة حيث أجلى بقية أهل السامرة و من يتبعا و ألحقهم بآمد و الجزيرة و أستبدلهم بأناس من تلك الأرض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

نأتي الآن للحديث عن نبي الله عيسى عليه السلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

و قد أفردت له بحث مستقل
قدمت فيه من الأدلة و البراهين التي أعتقد و الله أعلم أنها قاطعة في إثبات كذب اليهود و النصارى فيما يتعلق بتاريخ مولدة
لم أجزم في ذلك البحث بتاريخ مولده الحقيقي
لكن و الله أعلم فقد آن الأوان لتلمس زمن ولادته على وجه التقريب و الله المستعان
لن أستعرض بالطبع جميع الأدلة التي أوردتها في البحث السابق و سأستعرض
منها ما يهمنا في هذا البحث فقط
ـــــــــــــــ
من خلال ما تقدم أيها الأخوة تبين لي أن كفرة بني إسرائيل عليهم لعنة الله
قد علموا أن عيسى عليه السلام هو خاتم الأنبياء فيهم
و قد كان النذير الذي بشر بنبوة أحمد عليه أفضل الصلوات و أتم التسليم
لذلك حين أقدموا على أخفاء وثائق التوراة الحقيقية
و أبراز التوراة المزيفة على أنها من عند الله كانوا على ثقة بانتهاء دورهم
و أنه لا مجال بعد لظهور أنبياء فيهم
و هذا يعطينا يقينا بأن نبوة عيسى عليه السلام كانت قبل ما يسمى السبي
البابلي بقرون كثيرة هذه القرون كانت المدة التي استكمل اليهود فيها
كتابة التوراة و التاريخ المزور لبني إسرائيل اعتمادا على تلته الشياطين على ملك سليمان عليه السلام
و حالما أتتهم الفرصة تحالفوا مع المجوس و أسقطوا الدولة الكلدانية
إذن من هو عيسى أبن مريم عليه السلام تاريخيا و متى كانت نبوته ؟؟؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا بد عند مناقشة قضية كقضية مولد نبي الله عيسى عليه السلام
أن نركز على بعض النقاط الهامة التي نحن متأكدين من علاقتها الأكيدة بولادته
عليه السلام
أولها : نسب أمه الطاهرة مريم عليها السلام
ثانيها نسب نبي الله يحيى عليه السلام خصوصا و أنه نبي أبن نبي و ولد بمعجزة أيضا و زامنه من حيث الرسالة
ثالثا السؤال الهام و الجوهري و هو
لماذا لم يقيد اليهود يحيى عليه السلام في سجل الأنبياء و لماذا لم يكتب أي شيء عن أعماله كنبي ؟؟
ـــــــــــــ
و قبل أن نتابع الحديث عن النقاط السابقة أود أن أبين أنني
سأضع أكثر من تاريخ لمولد نبي الله عيسى عليه السلام

و ذلك بسبب أمور سأذكرها في وقتها و سأحاول في النهاية استخلاص أقرب الأوقات صحة و ذلك بعد الحديث عن كل واحدة منها بشكل منفصل
و الله الموفق
ـــــــــــــــــــــ
لقد بين لنا الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز
أن أنبياء بني إسرائيل قد تتابعوا دون انقطاع و كان أخرهم عيسى عليه السلام
و نجد من ناحية أن تاريخ أنبياء بني إسرائيل أنقطع في نهاية القرن السادس قبل الميلاد بنبي يدعى زكريا بن برخيا بن عدو لرفع الروح المعنوية عند المسببين الذين عادوا من بابل
و قد ذكرت في أحد فقرات هذا البحث أن إقحام نبوة زكريا بهذا الشكل أمر واضح الزيف
و ذلك ليضفوا على أكذوبة العقوبة التي توعدهم الله بها و هي سبعين عام من السبي شيء من المصداقية المزيفة و ليوهموا الناس أن الله لم يتخلى عنهم و ينبذهم لقتلهم الأنبياء و لكفرهم بعيسى عليه السلام
فقد حاولوا من خلال ما دونته أيديهم أن يؤكدوا على أن السبي لم يكن سوى من باب تأديب الحبيب لحبيبه قاتلهم الله و لعنهم على أفكهم
ثم من بعد ذلك يجتبيهم فيعودوا أبناءه و أحباءه
لكن استعارتهم لأسم زكريا كنبي مرسل بعد انتهاء عقوبة السبي زورا و بهتانا كان من الممكن تمريرها و قد حصل هذا الشيء
لكن لم يكن بمقدورهم اختراع أنبياء جدد بعد ذلك
فأنكشف زيف ادعائها و بطلت حجتهم فقد مرت خمس قرون و لم يظهر فيهم نبي هذا إذا قبلنا بكون زكريا بن برخيا قد جاء في ذلك الزمن الذي أدعوه
و إن عيسى عليه السلام قد ولد في الزمن المفترى أيضا
لقد كان يهود بيت المقدس في حرب شرسة مع أتباع عيسى عليه السلام
انتهت بنقلهم إلى الجزيرة و بابل
لكنهم لم ينسوا ثأرهم , و ما أن واتتهم الفرصة حتى أتوهم بجنود المجوس
و أعملوا فيهم القتل و لم يكن هذا القتل إلا نتيجة
لانحراف النصارى عن دين الحق
ففي سفر أستر الذي تكلمنا عنه سابقا قلنا أن اليهود اخترقوا بلاط ملوك فارس
حيث أصبحت أستر زوجة الملك و أصبح مربيها و أبن عمها اليهودي وزير الملك الأول
و قد حصلوا منه على كتاب مختوم يسمح لهم بقتل ما يسمونهم أعدائهم
في كل البلاد التي تقع تحت سلطان ملك فارس
أي مذبحة للأطفال و نساء أتباع عيسى عليه السلام
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أستر 8
فدعي كتاب الملك في ذلك الوقت في الشهر الثالث أي شهر سيوان في الثالث و العشرين منه و كتب حسب كل ما أمر به مردخاي إلى اليهود و إلى المرازبة و الولاة و رؤساء البلدان التي من الهند إلى كوش مئة و سبع و عشرين كورة إلى كل كورة بكتابتها و كل شعب بلسانه و إلى اليهود بكتابتهم و لسانهم* 10 فكتب باسم الملك احشويروش و ختم بخاتم الملك و أرسل رسائل بأيدي بريد الخيل ركاب الجياد و البغال بني الرمك* 11 التي بها أعطى الملك اليهود في مدينة فمدينة أن يجتمعوا و يقفوا لأجل أنفسهم و يهلكوا و يقتلوا و يبيدوا قوة كل شعب و كورة تضادهم حتى الأطفال و النساء و أن يسلبوا غنيمتهم* 12 في يوم واحد في كل كور الملك احشويروش في الثالث عشر من الشهر الثاني عشر أي شهر آذار* 13 صورة الكتابة المعطاة سنة في كل البلدان أشهرت على جميع الشعوب أن يكون اليهود مستعدين لهذا اليوم لينتقموا من أعدائهم* 14 فخرج البريد ركاب الجياد و البغال و أمر الملك يحثهم و يعجلهم و أعطي الأمر في شوشن القصر* 15 و خرج مردخاي من أمام الملك بلباس ملكي اسما نجوني ابيض و تاج عظيم من ذهب و حلة من بز و أرجوان و كانت مدينة شوشن متهللة و فرحة* 16 و كان لليهود نور و فرح و بهجة و كرامة
ــــــــــــــــــــــــــــ
لو صدقنا كذب اليهود فإن أعدائهم يفترض أن يكونوا في بابل حكما فهم من قاموا بسبيهم كما يدعون
فما هي الجريمة التي أستحق بها أهل الهند و إثيوبيا و بقية أمم الأرض كل هذا الحقد
الذي لم يستثني طفلا أو امرأة أو شيخ
أي حقد هذا ؟؟ !!!
إنها تصفية بشرية لمن كان خلف خروجهم الحقيقي من أرض فلسطين
إنها تصفية لأتباع النبي الذي أنها دورهم كأمة مختارة و بشر بنبي من بعده اسمه أحمد
إذن فقد كان للمجوس الدور الأعظم
في قيام المشروع الصهيوني تاريخيا و بشريا
فقد ألفوا نسخة من التوراة تخدم المرحلة المقبلة قلبوا فيها كل الحقائق رأسا على عقب
ثم أتبعوا ذلك بمذبحة شاملة طالت النصارى و أبنائهم
و لا بد أنه قد تبع ذلك عقود من الاضطهاد و تكميم الأفواه حتى تم نسيان التاريخ الحقيقي و ترسخ لدى الأجيال الجديدة تاريخ مسخ لا صحة له إطلاقا
و لا بد أن نعلم أيها الأخوة
أنه لا شيء يثبت أن الأناجيل التي بين أيدي النصارى اليوم
ما هي إلا نتاج الروايات المختلقة التي كانت تروج قبل التاريخ المزيف بقرون
حيث سكب هذه الرويات في قوالب ما يسمى بإنجيل متى و لوقا و غيره
و ذلك في ظل الحكم الروماني الوثني الذي يقدس البشر و يؤلههم
فكانت هذه الأناجيل مزيج من الروايات الكاذبة التي تضفي على شخصية عيسى عليه السلام صفة الألوهية
و رويات أخرى فيها أثر من حقيقة تعوم في موج من الكذب المتلاطم حولها
و هكذا لاحق اليهود دين عيسى حتى أسلموه لمجمع نقية الذي اتخذ من التثليث دينا للنصارى
ــــــــــــــــــــــــــــ
ثانيا :
كان من المفترض أن يهتم
كتبة الأناجيل المزورة بنسب مريم عليها السلام
كيف لا و هي أم الإله لديهم
لكن حين تطالع أناجيلهم تجد العجب العجاب
فجميع الأناجيل لم تتطرق إلى نسبها لا من بعيد و لا من قريب
و اثنين منهما تكلما عن نسب يوسف النجار الذي يفترض فيه أن يكون الرجل الذي تزوجها
و الغريب بالأمر أن سلسلة نسب يوسف هذا ليست متطابقة في الإنجيلين الكاذبين فكيف تتكلم الأناجيل عن نسب رجل لا علاقة له بعيسى عليه السلام
و تترك نسب أمه التي ولدته
لم تتوقف تخاريفهم هنا بل تتعدى إلى ما هو أعظم
فيوسف هذا يتزوج مريم كي يستر أمر حملها الذي يفترض أن يكون آية لبني إسرائيل
فكيف تتزوج من كانت محررة لخدمة بيت المقدس بكل سهولة و يسر دون أن تثير ضدها الألسن المتربصة
و كيف تخفي الآية التي جعلها الله فيها و التي يفترض أن تكون سبب في هداية الكثير من بني إسرائيل
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }المؤمنون50
ــــــــــــــــــــــــ

نحن كمسلمين نعلم أن مريم قد حملت بعيسى المسيح عليه السلام و لما وضعته أتت به بني إسرائيل
و واجهتهم بهذه الآية بل هي مكلفة بذلك أصلا
بسم الله الرحمن الرحيم
فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً }مريم27
لكن الله لم يدعها لوحدها تواجه ظن بني إسرائيل السيئ إذ قالوا لها
بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً }مريم28
ـــــــــــــــــــــ
فرد عليهم نبي الله و هو في المهد حين أشارت إليه ليكلمهم
بسم الله الرحمن الرحيم
َأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً{29} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً{30} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً{31} وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً{32} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً{33} ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ{34} مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ{35

ــــــــــــــــــــــ
إذن المسألة خرجت من نطاق السرية و تم تداولها على العلن و بحضور الأنبياء من بني إسرائيل و لا بد لقصة كهذه أن تكون بلغت مشارق الأرض و مغاربها
فكيف تعجز كتبهم عن نقلها ؟؟؟
السبب أن هذه الأناجيل قد كتبت بعد قرون طويلة
من حدوث هذا القصة و لم يعلق في أذهان العامة إلا صورة مشوهة منها
أما أولئك الذين كانوا لا يزالون يعرفون القصة و على شكلها الصحيح
فقد تم تصفية من بقي منهم في مؤتمر نيقية الخياني الذي عمل هذا الهدف
ـــــــــــــــ
لكن كتب التفسير لدينا نقلت نسب مريم عليها السلام فقد جاء في كتاب
البدية و النهاية جزء 2 صفحة 56
يذكر تعالى أنه اصطفى آدم عليه السلام والخلص من ذريته المتبعين شرعه الملازمين طاعته ثم خصص فقال وآل إبراهيم فدخل فيهم بنو إسماعيل وبنو إسحاق ثم ذكر فضل هذا البيت الطاهر الطيب وهم آل عمران والمراد بعمران هذا والد مريم عليها السلام وقال محمد بن إسحاق وهو عمران بن باشم بن أمون بن ميشا بن حزقيا بن احريق بن موثم بن عزازيا بن امصيا بن ياوش بن احريهو بن يازم بن يهفاشاط بن ايشا بن ايان بن رحبعام بن سليمان بن داود وقال أبو القاسم بن عساكر مريم بنت عمران بن ماثان بن العازر بن اليود بن اخنر بن صادوق بن عيازوز بن الياقيم بن ايبود بن زريابيل بن شالتال بن يوحينا بن برشا بن امون بن ميشا بن حزقا بن احاز بن موثام بن عزريا بن يورام بن يوشافاط بن ايشا بن ايبا بن رحبعام بن سليمان بن داود عليه السلام
ــــــــــــــــــ
سلسلة النسب السابق تنتهي في منتصف القرن السابع فباشم بن أمون أو يواشيا بن أمون حكم في يهوذا من 643 حتى 612
و مع تحفظي على ذلك النسب إلا أنه يثبت أن ميلاد مريم كان قبل أكثر من ست قرون من قبل الميلاد المزيف و لو راعينا التزييف الذي تكلمنا عنه بخصوص تاريخ دولة نبي الله سليمان لأعدنا هذا التاريخ إلى ما قبل القرن الثامن
أما تحفظي على هذا النسب فسببه أن كل المشاهير من شخصيات بني إسرائيل لا بد لها أن تمر في سلسلة نسب ملوك بني إسرائيل و الذي يقولون هم عنهم أنهم من أكفر اليهود
الأمر العجيب في أناجيل النصارى أن عيسى عليه السلام لا يتكلم عن أية ولادته
من غير أب و كأن المسألة عار و ليس آية يجب تذكير الناس بها في كل وقت
بل إن أناجيلهم كلها كما أسلفت توحي بأن سر هذه الولادة و هذه الأعجوبة
بقي في دائرة شخصين فقط هما مريم و يوسف النجار
بل أنهما هربا بعيسى عليه السلام إلى مصر خوفا عليه
و هنا نتساءل ما الدليل على صدق مريم طالما أنه ليس هناك شهود سمعوا كلام الطفل النبي في مهده و هو يبرأ أمه من كل عيب
إن الأناجيل التي بين أيدي النصارى اليوم تثبت أن كتابها عاشوا بعد قرون طويلة من ولادة عيسى عليه السلام
بل هي روايات توحي بأن عيسى عليه السلام قد بعث إلى غير بني إسرائيل
فهو يدعون أسماء للحواريين لا صحة لها و لا دليل عليها
و أن هؤلاء الحواريين الذين قال لهم عيسى إنما بعثت لخراف بني إسرائيل الضالة و ما أن رفع النبي حتى أنتقل بعضهم إلى روما و البعض إلى مصر و البعض الأخر إلى إنطاكيا و اليونان
فهؤلاء الحواريين هم حواريو الرسالة المزيفة لعيسى و ليسوا حواريو عيسى الحقيقيين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الآن نأتي في الحديث عن نبي الله يحيى بن زكريا عليهما السلام
و الذي لا تذكره أسفار بني إسرائيل
و كأنه ليس بنبي مبعوث إليهم
ذكرنا في الجزء الأول من البحث أن أحد الأناجيل قد تكلم عن ولادة يحيى عليه السلام ولادة تعجبت منها كل اليهودية نظرا لولادته من أبوين هرمين
لكنهم لم يذكروا أن والده زكريا هو النبي زكريا عليه السلام
بل اعتبروه مجرد كاهن صالح و هذا أيضا يدلنا على مدى المسافة التي تفصل الأحداث الحقيقية عن تاريخ التدوين
و جاء أيضا في الرواية أيضا أن الجميع تعجبوا من اختيار زكريا و زوجه لاسم يحيى أو يوحنا حيث أن هذا الاسم لم يكن معروف في اليهودية و هذا مصداق لقوله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم

يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً }مريم7
ـــــــــــــــــــــــ
لكن المصيبة أنهم يذكرون اسم يحيى في سلسلة أجداد يوسف الذي يعتبرونه
زوجا لمريم أم المسيح عليه السلام
بل هو اسم معروف في الكثير من الكتابات اليهودية التي تعود للقرن الخامس
مما يؤكد أن ولادة يحيى قد سبقت هذا التاريخ بقرون
الآن سنبحث في الميزات التي أمتاز بها النبي زكريا والد يحيى عليهما السلام
علنا نميزه من بين الشخصيات المتعددة التي حملت هذا الاسم عند اليهود
لم يذكر لنا نبينا محمد صلى الله عليه و سلم أن هناك أكثر من نبي قد حمل ذات الاسم و حتى كتب التاريخ و غيرها لا تجد فيها مسمى واحد لنبيين أثنين
لكن اليهود لديهم هذا الإشكال فقط في شخصية النبي زكريا
لماذا ؟؟ لأن كتبهم مزيفة و كتبت على مراحل و من عدت كتبة فلا بد أن يحصل التضارب
وقد حاول بعض المتأخرين تعديل النسخ لتلافي هذا العيب
لكنها تبقى محاولة سمجة و مكشوفة
ــــــــــــــ
قلنا أن النصارى يعتبرون يحيى أبن لكاهن اسمه زكريا
أما اليهود فلا ذكر ليحيى في أسفارهم لكننا سنتلمس ذكر من سموهم بزكريا
في كتبهم
أولهم : زكريا بن يهوياداع الراس عاصر أبوه يهوياداع يواش بن أخزيا
882 و 842
قتل اليهود أبنه النبي زكريا في المسجد رجما بالحجارة بأمر من الملك يواش
العجيب في الأمر أن يهوياداع الراس والد النبي زكريا هذا ذكر في أيام النبي داواد
عليه السلام بل ذكر ولد له يسمى بنايا كان قائدا من قواد فرق النبي داود عليه السلام
ـــــــــــــ
أيام الأولى أصحاح 27
رئيس الجيش الثالث للشهر الثالث بنايا بن يهوياداع الكاهن الراس و في فرقته اربعة و عشرون الفا* 6 هو بنايا جبار الثلاثين و على الثلاثين و من فرقته عميزاباد ابنه*

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
فكيف ظهر هذا الكاهن في أيام الملك يواش فهذا ما سنتكلم عنه إن شاء الله
عند الحديث عن التقدير الثاني لميلاد المسيح عيسى عليه السلام
ـــــــــــ
جاء في أخبار الأيام الثانية أصحاح 24
كان يواش ابن سبع سنين حين ملك و ملك اربعين سنة في اورشليم و اسم امه ظبية من بئر سبع* 2 و عمل يواش المستقيم في عيني الرب كل ايام يهوياداع الكاهن* 3 و اتخذ يهوياداع له امراتين فولد بنين و بنات* 4 و حدث بعد ذلك انه كان في قلب يواش ان يجدد بيت الرب* 5 فجمع الكهنة و اللاويين و قال لهم اخرجوا الى مدن يهوذا و اجمعوا من جميع اسرائيل فضة لاجل ترميم بيت الهكم من سنة الى سنة و بادروا انتم الى هذا الامر فلم يبادر اللاويون* 6
فدعا الملك يهوياداع الراس و قال له لماذا لم تطلب من اللاويين ان ياتوا من يهوذا و اورشليم بجزية موسى عبد الرب و جماعة اسرائيل لخيمة الشهادة
ـــــــــــــ
زكريا الفاهم
كان في أيام ملك يهوذا عزيا بن أمصيا في 813 و 763
لا شيء كثير يذكر عنه
لكن لاحظوا أن الملك عزيا هذا هو ابن أمصيا بن يواش
كان في أيام جده يواش النبي زكريا بن يهوياداع
و في أيامه كان النبي زكريا الفاهم
الظاهر لم يعد في إسرائيل إلا اسم زكريا انتظروا القادم
ــــــــــــــــــــــــــــــ
زكريا بن يبرخيا
ذكر هذا الاسم لكاهن أمين اتخذه أشعيا النبي شاهد أمين على ولادة العذراء في إسرائيل كأية لبني إسرائيل و ملكها و قد تكلمت عنها في البحث الأول و سأعيد الحديث عنها مرتا أخرى إن شاء الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
زكريا بن برخيا
تلاحظون الشبه الشديد بين هذا الاسم و الاسم الذي يسبقه و هذا الاسم يخص النبي زكريا الذي يدعي اليهود أنه بعث للمسبيين الذين عادوا إلى بيت المقدس في نهاية القرن السادس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1الآن زكريا بن يهوياداع قتل رجما بالحجارة في بيت الرب
ماذا يقول متى في إنجيله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
33
ويل لكم أيها الكتبة و الفريسيون المراءون لأنكم تبنون قبور الأنبياء و تزينون مدافن الصديقين* 30 و تقولون لو كنا في أيام ابائنا لما شاركناهم في دم الأنبياء* 31 فانتم تشهدون على أنفسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء* 32 فاملئوا انتم مكيال آبائكم* 33 أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم* 34 لذلك ها أنا أرسل إليكم أنبياء و حكماء و كتبة فمنهم تقتلون و تصلبون و منهم تجلدون في مجامعكم و تطردون من مدينة إلى مدينة* 35 لكي يأتي عليكم كل دم زكي سفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل و المذبح* 36 الحق أقول لكم إن هذا كله يأتي على هذا الجيل* 37 يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء و راجمة المرسلين إليها كم مرة أردت أن اجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها و لم تريدوا* 38 هو ذا بيتكم يترك لكم خرابا* 39 لأني أقول لكم إنكم لا ترونني من الآن حتى تقولوا مبارك الآتي باسم الرب*

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذن إنجيل النصارى يقول أن زكريا بن برخيا هو الذي قتل في بيت الرب
و ليس زكريا بن يهوياداع
لكن زكريا بن برخيا كان نبي المسبيين كما يقول اليهود و كان بعد قرنين و نصف تقريبا من هذا الحدث و
كان شاهد على ولادة عذراء من بني إسرائيل ولادة عجائبية
و لم يذكر أنه قد قتل
فأي الروايات نصدق و من هو النبي زكريا والد يحيى عليه السلام ؟؟
و لماذا يأتي العقاب بسبب سفك دم زكريا بعد ما يزيد عن 7 قرون و نيف
ما علاقة الأبناء بما فعله الآباء
أما إدخال دم هابيل هنا فهو فقط للتمويه و للتغطية على هذه الحبكة الكاذبة
فلو قلنا أن الله سيعاقب أباء اليهود بعد سبع قرون على ذنب أرتكبه آبائهم و حاشاه
فما علاقتهم بدم هابيل فهل كان قاتله من بني إسرائيل
الحقيقة أيها الأخوة أن العبارة السابقة تصح لو أزلنا بعض التحريف منها
لتكون صيغة خطاب
يلقيه نبي الله عيسى عليه السلام بعد أن يصله خبر قتل اليهود لنبي الله زكريا
أو لأبنه يحيى عليهما السلام في ذات الزمن الذي حدث فيه هذا الأمر فكلا النبيين
عاصر عيسى عليه السلام
و كان عقابهم من الله بعد ذلك بمدة
أن سلط عليهم ملك بابل فقتلهم شر قتلة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ 3146 ]
أخبرنا أبو زكريا العنبري حدثنا محمد بن عبد السلام حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما في قوله عز وجل { ويقتلون النبيين بغير حق } ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس
قال بعث عيسى بن مريم في اثنى عشر رجلا من الحواريين يعلمون الناس فكان ينهاهم عن نكاح ابنة الأخ وكان ملك له ابنة أخ تعجبه فأرادها وجعل يقضي لها كل يوم حاجة فقالت لها أمها إذا سألك عن حاجتك فقولي له أن تقتل يحيى بن زكريا فقال لها الملك حاجتك فقالت حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريا فقال سلي غير هذا فقالت لا أسأل غير هذا فلما أتى أمر به فذبح في طست فبدرت قطرة من دمه فلم تزل تغلي حتى بعث الله بخت نصر فدلت عجوز عليه فألقى في نفسه أن لا يزال القتل حتى يسكن هذا الدم فقتل في يوم واحد من ضرب واحد وبيت واحد سبعين ألفا هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
فتح الباري ج: 6 ص: 468
قال بن إسحاق كان زكريا وابنه آخر من بعث من بني إسرائيل قبل عيسى وقال أيضا أراد بنو إسرائيل قتل زكريا ففر منهم فمر بشجرة فانفلقت له فدخل فيها فالتأمت عليه فأخذ الشيطان يهدبه ثوبه فرأوها فوضعوا المنشار على الشجرة فنشروها حتى قطعوه من وسطه في جوفها وأما يحيى فقتل بسبب امرأة أراد ملكهم
أن يتزوجها فقال له يحيى إنها لا تحل لك لكونها كانت بنت امرأته فتوصلت إلى الملك حتى قتل يحيى قال بن إسحاق كان ذلك قبل أن يرفع عيسى وروى أصل هذه القصة الحاكم في المستدرك من حديث عبد الله بن الزبير وروى أيضا من حديث بن عباس أن دم يحيى كان يفور حتى قتل عليه بختنصر من بني إسرائيل سبعين ألفا فسكن
ــــ
لسنا بحاجة للتذكير بأن نبوخذ ناصر عاش في نهاية القرن السادس و بداية القرن السابع
لكن السؤال لماذا هذا الخلط الشديد في اسم زكريا ؟؟
هل لأنه النبي الذي شهد بحق ولادة النبي عيسى عليه السلام و بشكل معجز ؟؟
و لأنه المسئول عن رعاية العذراء في بيت المقدس ؟؟؟
هل لأنه والد النبي الذي وقف حائلا دون رغبات ملكهم الشيطانية ؟؟؟
دعونا نعود إلى قضية الشهادة هذه
ـــــــــــــــ
صاحب السفر الذي تكلم عن هذه الشهادة هو النبي إشعياء أو اشعيا
يقول قاموسهم أن كلمة أشعيا و يوشع و اليشع و يهوشع كلها بمعنى
الرب يخلص أو خلاص الرب و يدخل مع هذا اسم يشوع أو يسوع
و يقول اليهود أنه إشعياء بن آموص و آموص هذا أخو أمصيا ملك إسرائيل
و يقولون أنه قتل بأمر الملك منسي أحد أبناء أحفاد عمه أمصيا
ـــــــــــــــــ
إشعياء أصحاح 7
اسْمَعُوا يَابَيْتَ دَاوُدَ: أَمَا كَفَاكُمْ أَنَّكُمْ أَضْجَرْتُمُ النَّاسَ حَتَّى تُضْجِرُوا إِلَهِي أَيْضاً؟ 14وَلَكِنَّ السَّيِّدَ نَفْسَهُ يُعْطِيكُمْ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً، وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ. 15وَحِينَ يَعْرِفُ أَنْ يُمَيِّزَ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ يَأْكُلُ زُبْداً وَعَسَلاً، 16لأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّبِيُّ كَيْفَ يَرْفُضُ الشَّرَّ وَيَخْتَارُ الْخَيْرَ، فَإِنَّ إِسْرَائِيلَ وَأَرَامَ اللَّتَيْنِ تَخْشَيَانِ مَلِكَيْهِمَا تُصْبِحَانِ مَهْجُورَتَيْنِ
17وَسَيَجْلِبُ الرَّبُّ عَلَيْكَ وَعَلَى شَعْبِكَ وَعَلَى بَيْتِ أَبِيكَ أَيَّاماً لَمْ تَمُرَّ بِكُمْ مُنْذُ انْفِصَالِ أَفْرَايِمَ عَنْ يَهُوذَا، وَذَلِكَ عَلَى يَدِ مَلِكِ أَشُورَ. 18فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَصْفِرُ الرَّبُّ لِلْمِصْرِيِّينَ فَيَجِيئُونَ عَلَيْكُمْ مِنْ كُلِّ أَنْهَارِ مِصْرَ، وَلِلأَشُورِيِّينَ فَيَجِيئُونَ عَلَيْكُمْ كَأَسْرَابِ النَّحْلِ، 19فَتُقْبِلُ كُلُّهَا وَتَنْتَشِرُ فِي الأَوْدِيَةِ الْمُقْفِرَةِ، وَفِي شُقُوقِ الصُّخُورِ وَشُجَيْرَاتِ الشَّوْكِ الْمُتَكَاثِفَةِ، وَفِي الْمَرَاعِي قَاطِبَةً. 20فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَسْتَأْجِرُ الرَّبُّ مَلِكَ أَشُورَ مِنْ عَبْرِ نَهْرِ الْفُرَاتِ، فَيَكُونُ الْمُوسَى الَّتِي يَحْلِقُ بِهَا الرَّبُّ شَعْرَ رُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَحَتَّى لِحَاكُمْ أَيْضاً. 21فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يُرَبِّي وَاحِدٌ عِجْلَةَ بَقَرٍ وَشَاتَيْنِ. 22وَلِوَفْرَةِ مَا تُدِرُّ مِنْ حَلِيبٍ يَأْكُلُ الزُّبْدَ، لأَنَّ الزُّبْدَ وَالْعَسَلَ يَأْكُلُهُمَا كُلُّ مَنْ يُسْتَبْقَى فِي الأَرْضِ.
ــــــــــــــــــــــ
في الشطر السابق يشير كاتب السفر إلى أن الله سبحانه سيجعل أية في بيت المقدس
فالعذراء ستحبل و تلد غلاما
إذن الآية تكمن في حمل عذراء من غير زوج و إلا كيف تسمى عذراء
و مريم عليها السلام هي من وسمت باسم العذراء و هي الوحيدة من بني البشر التي حملت من غير زوج
و لا بد أن اسم العذراء قد لازمها بعد أصبحت منذورة لخدمة بيت المقدس
حتى أسلوب كتابة النبوءة يؤكد أن المقصود بها أمرأة بعينها معروفة في بني إسرائيل
ها العذراء ــــــــ
الأمر الثاني في النبوءة السابقة هو تحديد تاريخ هذا الحمل العجيب
و هنا يحدد لنا كاتب السفر العذراء ستلد قبل أن تصبح أرام ( دمشق )
و إسرائيل ( السامرة ) مهجورتين
طبعا في هذا المقطع مبالغة فلم تهجر كلا المنطقتين و إن كانتا قد تعرضتا لغزو الآشوريين و تعرضت السامرة و دمشق للاستبدال السكاني
على يد الملك تغلث فيلاسر الثالث عام 732
و هذا يعني أن العذراء يفترض أن تكون أنجبت قبل هذا التاريخ بمدة
قد تكون بضع سنوات لو أخذنا بحرفية النص السابق
أو تكون عقود إن كان في النبوءة السابقة بعض التحريف فيما يخص
علامة الزمن الذي ستكون فيه النبوءة
و أنا أميل إلى هذا الأمر و سأذكر السبب في حينه إن شاء الله
و إذا أخذنا بحرفية تلك النبوءة يكون المسيح عليه السلام قد ولد
بين عامي 745 و 735 تقريبا
على كلا هذه الآية ضربت للملك آحاز كما يقول هذا السفر و هذا الملك
حكم من عام 745 إلى 729
ثم يتابع القول في المقطع 17
أن هذه الآية ستكون امتحان شديد و قاسي لمملكة يهوذا و على يد ملك أشور
و بغض النظر عن زمن حدوث هذه الآية و الذي سيكون ميعادها على أقل تقدير
بين عامي 745 و عام 729
و قد تكون قبل هذا الزمن بمدة طويلة سيمر معنا لاحقا إن شاء الله
إذن و بغض النظر عن زمن حدوث هذه الآية
السؤال المطروح
كيف تكون هذه الولادة أية شديدة و سبب في عذاب لم يذوقوا مثله خصوصا أن هذا العذب و هذا الامتحان سيكون بعد ما يزيد عن مئة و أربعين سنة ؟؟
و لماذا يأكل من يستبقى في الأرض الزبد و العسل ؟؟؟
هل هي مكافئة لهم من الله على صبرهم و إيمانهم بهذه الآية
و هل العقوبة قد وقعت على من كفر بهذه الآية و أنكرهها و حارب متبعيها ؟؟
نعم أيها الأخوة
الآية هي ولادة المسيح عيسى عليه السلام من غير أب
و العقوبة التي حصلت لبني إسرائيل هي و على يد نبوخذ ناصر هي تأيد من الله لأتباع عيسى عليه السلام
و سواء كان نبوخذ ناصر كافر أو مؤمن فإن الله يؤيد دينه بالبر و الفاجر
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ }الصف14
ـــــــــــــــ

أشعيا أصحاح 8

ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِي: «خُذْ لِنَفْسِكَ لَوْحاً كَبِيراً، وَاكْتُبْ عَلَيْهِ بِحُرُوفٍ وَاضِحَةٍ «مَهَيْرَ شَلاَلَ حَاشَ بَزَ» (بِمَعْنَى مُسْرِعٍ إِلَى الْغَنِيمَةِ)»
2فَاخْتَرْتُ لِنَفْسِي شَاهِدَيْنِ أَمِينَيْنِ، هُمَا أُورِيَّا الْكَاهِنُ وَزَكَرِيَّا بْنُ يَبْرَخْيَا. 3ثُمَّ عَاشَرْتُ النَّبِيَّةَ فَحَمَلَتْ وَأَنْجَبَتِ ابْناً. فَقَالَ لِي الرَّبُّ: «ادْعُ اسْمَهُ مَهَيْرَ شَلاَلَ حَاشَ بَزَ، 4وَقَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّبِيُّ كَيْفَ يُنَادِي: يَاأَبِي أَوْ يَاأُمِّي، تُحْمَلُ ثَرْوَةُ دِمَشْقَ وَغَنَائِمُ السَّامِرَةِ أَمَامَ مَلِكِ أَشُّورَ».
ــــــــــــــــ
في المقطع السابق بدأ الدس و التلفيق و محاولة قلب الحقائق
ظهر مسمى جديد و هو مسمى النبية و لا نعلم إن كان له علاقة بالعذراء أم لا
و لا أعرف ما الحاجة لوجود هؤلاء الشهود
ربما هناك جزء ناقص من النص يبين ماهية المكتوب على ذلك اللوح
و الذي أقتضى وجود هؤلاء الشهود هذا إذا كان هذا النص صحيح و غير
مضاف من قبل الكتبة
لكن لو حاولنا ربط الأمور بعضا ببعض خصوصا إذا علمنا أن كتاب إشعيا هذا و حسب قول علماءهم لا ينسب إلى شخص أو كاتب واحد
بل الظاهر أنه من إملاء ثلاث أشخاص أو أكثر
و ربطنا ذلك مع التالي
أولا : زكريا بن يبرخيا و زكريا بن برخيا والد يحيى عليهما السلام
ثانيا : هل المقتول هو زكريا بن برخيا أو زكريا بن يهوياداع و هل هناك نبي قتل باسم زكريا بن يهويادع
ثالثا : انقطاع نبوة بني إسرائيل و حسب مدوناتهم عند النبي زكريا بن برخيا
في نهاية القرن السادس
رابعا :
وجود هذا النص الصريح الذي يتكلم عن ولادة عذراء في بني إسرائيل
يجعلني أرتب الأحداث كالتالي
إشعياء هذا إما أن يكون هو النبي عيسى عليه السلام و سنرى ما يؤكد هذا أيضا بعد قليل
أو شخص يكتب الأحداث حسب ما سمع لكن التحريف حال دون اتضاح الرؤيا
ــــــــــــــــ
زكريا بن برخيا هو النبي زكريا عليه السلام و ربما تم اقتباس الكثير من كلامه في هذا السفر
و من المؤكد و الله أعلم أن اسمه الكامل هو
زكريا بن يهوياداع بن برخيا أي أن اليهود خلقوا من هذا الاسم ثلاث أنبياء
الأول : هو زكريا منسوبا إلى أبيه فهو زكريا بن يهوياداع
الثاني : زكريا بن برخيا منسبا لجد من أجداده و ربما كان هذا الشيء مذكور بالنسخ القديمة و قد تم التعديل عليه حديثا للمزيد من التعتيم و هذا ما جعل كاتب
كتبة الأناجيل يسمونه بزكريا بن برخيا
الثالث : زكريا بن يبرخيا : و هو شخصية وهمية اشتقت من الاسم الثاني زكريا بن برخيا و ذلك ليتم استخدامه كنبي ما بعد السبي و الله أعلم
ـــــــــــــ

النبية هنا تخص زكريا عليه السلام لأنه
النبي الوحيد في وقت ولادة عيسى عليه السلام هذا إذا فرضنا أن لفظ النبية
تطلق تجاوزا على من كان زوجها نبي و هذا أمر مشكوك فيه
و وجود نبي في زمانه أعلى منه مقاما أمر لا نقبل به ما لم يأتي من مصدر موثوق
حمل النبية هو الحمل بيحيى عليه السلام و شهادة زكريا هنا شهادته على طهارة مريم من الدنس لأنه الراعي لها و نبي العصر الذي ولد فيه عيسى عليه السلام
إذا هذا السفر المسمى سفر إشعياء هو سفر تاريخي يدون الفترة التي ولد فيها المسيح عيسى بن مريم و ربما يكون جزء منه هو مما جاء في إنجيل عيسى عليه السلام
ــــــــــــــ
أرجو أن تتابعوا هذا المقطع و بتمعن
تفسير الطبري ج: 15 ص: 42
16685ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن أبـي عَتّاب رجل من تغلب كان نصرانـيا عمرا من دهره، ثم أسلـم بعد، فقرأ القرآن، وفقه فـي الدين، وكان فـيـما ذكر أنه كان نصرانـيا أربعين سنة، ثم عُمّر فـي الإسلام أربعين سنة. قال: كان آخر أنبـياء بنـي إسرائيـل نبـيا بعثه الله إلـيهم، فقال لهم: يا بنـي إسرائيـل إن الله يقول لكم: إنـي قد سلبت أصواتكم، وأبغضتكم بكثرة أحداثكم فهَمّوا به لـيقتلوه، فقال الله تبـارك وتعالـى له: ائتهم واضرب لـي ولهم مثلاً، فقل لهم: إن الله تبـارك وتعالـى يقول لكم: اقضوا بـينـي وبـين كرمي ألـم أختر له البلاد، وطيبت له الـمَدَرة، وحظرته بـالسياج، وعرشته السويق والشوك والسياج والعَوْسَج، وأحطته بردائي، ومنعته من العالـم وفضّلته، فلقـينـي بـالشوك والـجذوع، وكل شجرة لا تؤكل؟ ما لهذا اخترت البلدة، ولا طيّبت الـمَدَرة، ولا حَظَرته بـالسّياج، ولا عَرَشتْه السويق، ولا حُطْته بردائي، ولا منعته من العالـم فضلتكم وأتـمـمت علـيكم نعمتـي، ثم استقبلتـمونـي بكلّ ما أكره من معصيتـي وخلاف أمري لَـمَهْ إن الـحمار لـيعرف مذوده لَـمَهْ إن البقرة لتعرف سيدها وقد حلفت بعزتـي العزيزة، وبذراعي الشديد لاَخذنّ ردائي، ولأمرجنّ الـحائط، ولأجعلنكم تـحت أرجل العالـم. قال: فوثبوا علـى نبـيهم فقتلوه، فضرب الله علـيهم الذلّ، ونزع منهم الـملك، فلـيسوا فـي أمة من الأمـم إلا وعلـيهم ذلّ وصغار وجزية يؤدّونها، والـملك فـي غيرهم من الناس، فلن يزالوا كذلك أبدا، ما كانوا علـى ما هم علـيه.
ـــــــــــــــــــــــــ
تفسير الطبري
16659ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: لـما مات سنـحاريب استـخـلف بختنصر ابن ابنه علـى ما كان علـيه جدّه يعمل بعمله، ويقضي بقضائه، فلبث سبع عشرة سنة. ثم قبض الله ملك بنـي إسرائيـل صديقة فمرج أمر بنـي إسرائيـل وتنافسوا الـمُلك، حتـى قتل بعضهم بعضا علـيه، ونبـيهم شعياء معهم لا يذعنون إلـيه، ولا يقبلون منه فلـما فعلوا ذلك، قال الله فـيـما بلغنا لشعياء: قم فـي قومك أُوحِ علـى لسانك فلـما قام النبـيّ أنطق الله لسانه بـالوحي فقال: يا سماء استـمعي، ويا أرض أنصتـي، فإن الله يريد أن يقصّ شأن بنـي إسرائيـل الذين ربـاهم بنعمته، واصطفـاهم لنفسه، وخصّهم بكرامته، وفضّلهم علـى عبـاده، وفضلهم بـالكرامة، وهم كالغنـم الضائعة التـي لا راعي لها، فآوى شاردتها، وجمع ضالتها، وجبر كسيرها، وداوى مريضها، وأسمن مهزولها، وحفظ سمينها فلـما فعل ذلك بطرت، فتناطحت كبـاشها فقتل بعضها بعضا، حتـى لـم يبق منها عظم صحيح يخبر إلـيه آخر كسير، فويـل لهذه الأمة الـخاطئة، وويـل لهؤلاء القوم الـخاطئين الذين لا يدرون أين جاءهم الـحين. إن البعير ربـما يذكر وطنه فـينتابه، وإن الـحمار ربـما يذكر الاَريّ الذي شبع علـيه فـيراجعه، وإن الثور ربـما يذكر الـمرج الذي سمن فـيه فـينتابه، وإن هؤلاء القوم لا يدرون من حيث جاءهم الـحين، وهم أولو الألبـاب والعقول، لـيسوا ببقر ولا حمير وإنـي ضارب لهم مثلاً فلـيسمعوه: قل لهم: كيف ترون فـي أرض كانت خواء زمانا، خربة مواتا لا عمران فـيها، وكان لها ربّ حكيـم قويّ، فأقبل علـيها بـالعمارة، وكره أن تـخرب أرضه وهو قويّ، أو يقال ضيع وهو حكيـم، فأحاط علـيها جدارا، وشيّد فـيها قصرا، وأنبط فـيها نهرا، وصف فـيها غراسا من الزيتون والرمان والنـخيـل والأعناب، وألوان الثمار كلها، وولـى ذلك واستـحفظه قـيـما ذا رأي وهمّة، حفـيظا قويا أمينا، وتأنى طلعها وانتظرها فلـما أطلعت جاء طلعها خروبـا، قالوا: بئست الأرض هذه، نرى أن يهدم جدرانها وقصرها، ويدفن نهرها، ويقبض قـيّـمها، ويحرق غراسها حتـى تصير كما كانت أوّل مرّة، خربة مواتا لا عمران فـيها. قال الله لهم: فإن الـجدار ذمتـي، وإن القصر شريعتـي، وإن النهر كتابـي، وإن القَـيّـمَ نبِـيـي، وإن الغراس هم، وإن الـخروب الذي أطلع الغراس أعمالهم الـخبـيثة، وإنـي قد قضيت علـيهم قضاءهم علـى أنفسهم، وإنه مَثلٌ ضربه الله لهم يتقرّبون إلـيّ بذبح البقر والغنـم، ولـيس ينالنـي اللـحم ولا آكله، ويدّعون أن يتقرّبوا بـالتقوى والكفّ عن ذبح الأنفس التـي حرمتها، فأيديهم مخضوبة منها، وثـيابهم متزملة بدمائها، يشيدون لـي البـيوت مساجد، ويطهرون أجوافها، وينـجسون قلوبهم وأجسامهم ويدنسونها، ويزوّقون لـي البـيوت والـمساجد ويزينونها، ويخرّبون عقولهم وأحلامهم ويفسدونها، فأيّ حاجة لـي إلـى تشيـيد البـيوت ولـيست أسكنها، وأيّ حاجة إلـى تزويق الـمساجد ولست أدخـلها، إنـما أمرت برفعها لأذكر فـيها وأسبح فـيها، ولتكون معلـما لـمن أراد أن يصلـي فـيها، يقولون: لو كان الله يقدر علـى أن يجمع ألفتنا لـجمعها، ولو كان الله يقدر علـى أن يفقّه قلوبنا لأفقهها، فـاعمد إلـى عودين يابسين، ثم ائت بهما ناديهما فـي أجمع ما يكونون، فقل للعودين: إن الله يأمركما أن تكونا عودا واحدا فلـما قال لهما ذلك، اختلطا فصارا واحدا، فقال الله: قل لهم: إنـي قدرت علـى ألفة العيدان الـيابسة وعلـى أن أولّف بـينها، فكيف لا أقدر علـى أن أجمع ألفتهم إن شئت، أم كيف لا أقدر علـى أن أفقّه قلوبهم، وأنا الذي صوّرتها يقولون: صمنا فلـم يرفع صيامنا، وصلّـينا فلـم تنوّر صلاتنا، وتصدّقنا فلـم تزكّ صدقاتنا، ودعونا بـمثل حنـين الـحمام، وبكينا بـمثل عواء الذئب، فـي كلّ ذلك لا نسمع، ولا يُستـجاب لنا قال الله: فسلهم ما الذي يـمنعنـي أن أستـجيب لهم، ألست أسمع السامعين، وأبصر الناظرين، وأقرب الـمـجيبـين، وأرحم الراحمين؟ ألآن ذات يدي قلت كيف ويداي مبسوطتان بـالـخير، أنفق كيف أشاء، ومفـاتـيح الـخزائن عندي لا يفتـحها ولا يغلقها غيري ألا وإن رحمتـي وسعت كلّ شيء، إنـما يتراحم الـمتراحمون بفضلها أو لأن البخـل يعترينـي أو لست أكرم الأكرمين والفتاح بـالـخيرات، أجود من أعطى، وأكرم من سُئل لو أنّ هؤلاء القوم نظروا لأنفسهم بـالـحكمة التـي نوّرت فـي قلوبهم فنبذوها، واشتروا بها الدنـيا، إذن لأبصروا من حيث أتوا، وإذن لأيقنوا أن أنفسهم هي أعدى العداة لهم، فكيف أرفع صيامهم وهم يـلبسونه بقول الزور، ويتقوّون علـيه بطعمة الـحرام؟ وكيف أنوّر صلاتهم، وقلوبهم صاغية إلـى من يحاربنـي ويحادّنـي، وينتهك مـحارمي؟ أم كيف تزكو عندي صدقاتهم وهم يتصدّقون بأموال غيرهم؟ وإنـما أوجر علـيها أهلها الـمغصوبـين أم كيف أستـجيب لهم دعاءهم وإنـما هو قول بألسنتهم والفعل من ذلك بعيد؟ وإنـما أستـجيب للداعي اللـين، وإنـما أسمع من قول الـمستضعف الـمسكين، وإن من علامة رضاي رضا الـمساكين فلو رحموا الـمساكين، وقرّبوا الضعفـاء، وأنصفوا الـمظلوم، ونصروا الـمغصوب، وعدلوا للغائب، وأدّوا إلـى الأرملة والـيتـيـم والـمسكين، وكلّ ذي حقّ حقه، ثم لو كان ينبغي أن أكلـم البشر إذن لكلـمتهم، وإذن لكنت نور أبصارهم، وسمع آذانهم، ومعقول قلوبهم، وإذن لدعمت أركانهم، فكنت قوّة أيديهم وأرجلهم، وإذن لثبّت ألسنتهم وعقولهم. يقولون لـمّا سمعوا كلامي، وبلغتهم رسالاتـي بأنها أقاويـل منقولة، وأحاديث متوارثة، وتآلـيف مـما تؤلف السحرة والكهنة، وزعموا أنهم لو شاءوا أن يأتوا بحديث مثله فعلوا، وأن يطلعوا علـى الغيب بـما توحي إلـيهم الشياطين طلعوا، وكلهم يستـخفـى بـالذي يقول ويسرّ، وهم يعلـمون أنـي أعلـم غيب السموات والأرض، وأعلـم ما يبدون وما يكتـمون وإنـي قد قضيت يوم خـلقت السموات والأرض قضاء أثبته علـى نفسي، وجعلت دونه أجلاً مؤجلاً، لا بدّ أنه واقع، فإن صدقوا بـما ينتـحلون من لـم الغيب، فلـيخبروك متـى أنفذه، أو فـي أيّ زمان يكون، وإن كانوا يقدرون علـى أن يأتوا بـما يشاءون، فلـيأتوا بـمثل القُدرة التـي بها أمضيت، فإنـي مظهره علـى الدين كله ولو كره الـمشركون، وإن كانوا يقدرون علـى أن يقولوا ما يشاءون فلـيؤلّفوا مثل الـحكمة التـي أدبر بها أمر ذلك القضاء إن كانوا صادقـين، فإنـي قد قضيت يوم خـلقت السموات والأرض أن أجعل النبوّة فـي الأُجراء، وأن أحوّل الـملك فـي الرعاء، والعزّ فـي الأذلاء، والقوّة فـي الضعفـاء، والغنى فـي الفقراء، والثروة فـي الأقلاء، والـمدائن فـي الفلوات، والاَجام فـي الـمفـاوز، والبردى فـي الغيطان، والعلـم فـي الـجهلة، والـحكم فـي الأميـين، فسلهم متـى هذا، ومن القائم بهذا، وعلـى يد من أسنه، ومن أعوان هذه الأمر وأنصاره إن كانوا يعلـمون فإنـي بـاعث لذلك نبـيا أمّيا، لـيس أعمى من عميان، ولا ضالاً من ضالّـين، ولـيس بفظّ ولا غلـيظ، ولا صخّاب فـي الأسواق، ولا متزين بـالفُحش، ولا قوّال للـخنا، أسدده لكل جميـل، أهب له كلّ خـلق كريـم، أجعل السكينة لبـاسه، والبرّ شعاره، والتقوى ضميره، والـحكمة معقوله، والصدق والوفـاء طبـيعته، والعفو والعرف خـلقه والعدل والـمعروف سيرته، والـحقّ شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملّته، وأحمد اسمه، أهدي به بعد الضلالة، وأعلـم به بعد الـجهالة، وأرفع به بعد الـخمالة، وأشهر به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلّة، وأغنـي به بعد العيـلة، وأجمع به بعد الفُرقة، وأؤلّف به قلوبـا مختلفة، وأهواء مشتتة، وأمـما متفرّقة، وأجعل أمته خير أمّة أُخرجت للناس، تأمر بـالـمعروف، وتنهى عن الـمنكر، توحيدا لـي، وإيـمانا وإخلاصا بـي، يصلون لـي قـياما وقعودا، وركوعا وسجودا، يُقاتلون فـي سبـيـلـي صفوفـا وزحوفـا، ويخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء رضوانـي، ألهمهم التكبـير والتوحيد، والتسبـيح والـحمد والـمدحة، والتـمـجيد لـي فـي مساجدهم ومـجالسهم ومضاجعهم ومتقلبهم ومثواهم، يكبرون ويهلّلون، ويقدّسون علـى رؤوس الأسواق، ويطهرون لـي الوجوه والأطراف، ويعقدون الثـياب فـي الأنصاف، قربـانهم دماؤهم، وأناجيـلهم صدورهم، رهبـان بـاللـيـل، لـيوث بـالنهار، ذلك فضلـي أوتـيه من أشاء، وأنا ذو الفضل العظيـم. فلـما فرغ نبـيهم شعياء إلـيهم من مقالته، عدوا علـيه فـيـما بلغنـي لـيقتلوه، فهرب منهم، فلقـيته شجرة، فـانفلقت فدخـل فـيها، وأدركه الشيطان فأخذ بهدبة من ثوبه فأراهم إياها، فوضعوا الـمنشار فـي وسطها فنشروها حتـى قطعوها، وقطعوه فـي وسطها
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
النصين السابقين من سفر شعيا أو إشعيا دون شك و لا زال الكثير من ذات الكلمات موجود في هذا السفر حتى هذا اليوم
لكنها ليست بذات الوضوح فيد التحريف لا بد أنها فعلت فيه الأفاعيل
لكن البشارة بأحمد أليست في إنجيل عيسى عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }الصف6
ثم كيف يبشر نبي كشيعيا بعث في القرن الثامن بأمة أحمد صلى الله عليه و سلم كرجاء و أمل للبشرية
معلنا أنقطاع الأمل في إصلاح أمة موسى عليه السلام و مازالت هناك أمة عيسى عليه السلام و التي يفترض أنها
ستأتي بعد ثماني قرون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعود الآن لصياغة ما سبق بما يلي
ـــــــــــــــــــ
وفقا للنبوءة التي وردة في سفر إشعياء فإن ولادة عجائبية لعذراء من بني إسرائيل
ستتم و ستكون لهم آية
قائل هذا الكلام هو النبي إشعياء حسب قولهم بوحي من الله و الكلام موجه لبني إسرائيل و لملكهم في ذلك الوقت آحاز
تاريخ هذا القول يفترض أن يكون في فترة حكم هذا الملك لأن هذا الكلام كان موجه إليه من قبل النبي إشعياء حسب زعمهم
أي بين عامي 745 و عام 729
تاريخ الولادة يفترض أن يكون قبل عام 732 لأن تغلاث فيلاسر و خلال هذا التاريخ قام بدخول دمشق و إخلائها من سكانها
ــــــــــــ
و بهذا تكون ولادة المسيح عليه السلام قبل عام 732 و بعد عام 745
إذا أخذنا بحرفية النبوءة و لم نلتفت للدسائس فيها
ــــــــــــ
لكن الصحيح غير ذلك و الله أعلم
فكما أشرت سابقا إلى الإشكال الذي ظهر حول مسمى النبي زكريا عليه السلام
و أقرب ما أجده للصحة هو أن النبي زكريا والد يحيى عليه السلام
هو النبي زكريا بن يهوياداع الكاهن و الذي قتل بأمر الملك يواش بن أخزيا
في حكمه الممتد حسب زعمهم بين عامي
882 و 842
و بهذا تكون ولادة المسيح وفق هذه المعطيات قبل عام 882
لأن زكريا لا بد أنه قد نال من بر أبنه يحيى عليه السلام كما جاء في كتاب الله
بسم الله الرحمن الرحيم
َيا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً{12} وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً{13} وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً (14) مريم
ـــــــــــــ
و قد ورد في كتب التفسير أن زكريا عليه السلام قد قتل بعد أن قتل اليهود أبنه يحيى عليه السلام
و على هذا تكون ولادة المسيح عليه السلام قبل عام 882 بعقد أو عقدين
و إن صح أن زكريا عليه السلام قد قتل بعد قتل أبنه يحيى فهذا يعني أن المسيح
قد ولد في نهاية القرن التاسع و الله أعلم
يذكر أن مواجهة عسكرية حدثت بين القوات الآشورية بقيادة الملك شلمنصر الثالث و يهود السامرة كانت عام 853 إثر تحالف تم بين ملك السامرة و ملك دمشق و قد وجد هذا الأمر مدون في المسلة السوداء التي كشف عنها في منطقة النمرودة عام 1846
و هذا بدورة يعيدنا إلى النبوة التي ذكرت في سفر إشعياء و التي اعتمدنا عليها في تحديد الفترة الأولى
إذن ما حصل في تلك النبوءة أمر تكرر في تاريخين مختلفين فما الذي يفرض علينا أن نأخذ بقول اليهود بأن هذه النبوءة تشير إلى الحملة التي قادها تغلاث فيلاسر الثالث عام 732
و هذا بالطبع يتطابق تقريبا مع النبوة التي تجعل ولادة المسيح قبل غزو الآشوريين لدمشق و السامرة
لكن هذا لا يمنع إطلاقا من أن يكون هذا الجزء من النبوءة و المتعلق بربط ولادة العذراء لعيسى عليه السلام بغزو أشور ملفق أو أن هناك غزوة أخرى ثالثة
تعود إلى تاريخ سابق لهذا التاريخ
ــــــــــــ
الآن أصبح لدينا فترتين محتملتين لميلاد المسيح
الأولى في وسط القرن السابع تقريبا
الثانية : في نهاية القرن التاسع قبل الميلاد المزيف
ـــــــــ
ننتقل لآن للحديث عن الفترة الثالثة المحتملة
و التي هي و الله أعلم الزمن الحقيقي لميلاد نبي الله عيسى عليه السلام
و التي سنستنتج بعدها عمر أمة محمد صلى الله عليه و سلم
و عمر أمة موسى عليه السلام على وجه تقريبي
لكن هذا الوجه سيقلب جميع المعلومات التاريخية المتداولة اليوم حيث سنرى
كيف أن خروج موسى و قومه من مصر ليس كما يتوهم البعض
بل يعود إلى ما يزيد عن 4800 سنة قبل الميلاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق