الخميس، 7 أبريل 2011

المسيح و تاريخ الميلاد المزيف للشيخ ابو سفيان (7)

ما سبق ذكره غيض من فيض الكفر و التجديف
و لو استرسلت

في تتبع تجديفهم و كفرهم
لكان الأولى أن أضع جميع كتبهم المزيفة كلها هنا
لأنه لا تكاد أن تقرأ منها سطر إلا و ترى العجب العجاب
لكن أود قبل أن أختم ما سبق أن أذكر هذه الرواية التي وردت في كتبهم
و التي يصغر لعظم ما فيها من كفر كل ما سبق ذكره
ــــــــــــــ

الرواية تقول أن يعقوب عليه السلام و لدى عودته من ديار خاله لابان
التقى برجل فصارعه حتى الفجر و غلبه
و عند الفجر يطلب الرجل من يعقوب أن يخلي سبيله فيرفض يعقوب
إلا أن يباركه الرجل
و عجبا إذا كان يعقوب هو المعتدي و هو يعلم قدر الرجل فما هي بأخلاق الأنبياء
و إذا كان الرجل هو المعتدي فليس بخليق أن يسأله يعقوب البركة
إلا إذا كان الصراع الذي حدث بينهما من باب المزاح !!!!!!!!!!
لكن من يكون الرجل الذي صارعه يعقوب و غلبه
أستغفر الله و أتوب إليه
يقولون أن يعقوب قد صارع الله في ذلك الموضع و غلبه
حاشا لله و تعالى عما يقولون علوا كبير
ـــــــــــــــــــــ
تكوين 32
ثم قام في تلك الليلة و اخذ امراتيه و جاريتيه و اولاده الاحد عشر و عبر مخاضة يبوق* 23 اخذهم و اجازهم الوادي و اجاز ما كان له* 24 فبقي يعقوب وحده و صارعه انسان حتى طلوع الفجر* 25 و لما راى انه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه* 26 و قال اطلقني لانه قد طلع الفجر فقال لا اطلقك ان لم تباركني* 27 فقال له ما اسمك فقال يعقوب* 28 فقال لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل اسرائيل لانك جاهدت مع الله و الناس و قدرت* 29 و سال يعقوب و قال اخبرني باسمك فقال لماذا تسال عن اسمي و باركه هناك* 30 فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل قائلا لاني نظرت الله وجها لوجه و نجيت نفسي* 31 و اشرقت له الشمس اذ عبر فنوئيل و هو يخمع على فخذه* 32 لذلك لا ياكل بنو اسرائيل عرق النسا الذي على حق الفخذ الى هذا اليوم لانه ضرب حق فخذ يعقوب على عرق النسا*
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و الرواية كما يذكرها أبن حزم رحمه الله كالتالي
و لا بد أن القوم قد عدلوا شيئا من النسخ التي في أيدينا اليوم
لم استشعروا عظم هذه الفرية فحاولوا طمسها من خلال التلاعب ببعض الكلمات
و إن كان قول يعقوب المزعوم كافي لتأكيد هذه المصيبة
ـــــــــــــــــــــــــ
فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل قائلا لاني نظرت الله وجها لوجه و نجيت نفسي
ـــــــــــــــــ
أما ما ذكره أبن حزم رحمه الله فهو التالي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل وبعد ذلك ذكر أن يعقوب رجع من عند خاله لابان نسائه وأولاده قال ولما أصبح أجاز امرأتيه وجارتيه وأحد عشر من ولده المخاضة وبقي وحده وصارعه رجل إلى الصبح فلما عجز عنه ضرب حق فخذه فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه وقال له خلني لأنه قد طلع الفجر قال لست أدعك حتى تبارك علي فقال له كيف اسمك قال يعقوب قال له لست تدعى من اليوم يعقوب بل إسرائيل من أجل أنك كنت قوياً على الله فكيف على الناس فقال له يعقوب عرفني باسمك فقال له لم تسألني عن اسمي وبارك عليه في ذلك الموضع فسمي يعقوب ذلك الموضع فنيئيل وقال رأيت الله تعالى مواجهة وسلمت نفسي
وبزغت له الشمس بعد أن جاوز فنيئيل وهو يعرج من رجله ولهذا لا يأكل بنوا إسرائيل العقب الذي على حق الفخذ إلى اليوم لأنه ضرب حق فخذ يعقوب لمس الله وانقباضه قال أبو محمد في هذا الفصل شنعة عفت على كل ما سلف يقشعر منها جلود أهل العقول وبالله العظيم لولا أن الله عز وجل قص علينا كفرهم بقولهم يد الله مغلولة وبقولهم إن الله فقير ونحن أغنياء لما نطقت ألسنتنا بحكاية هذه العظائم لكنا نحكيه منكرين له كما نتلوه فيما نصه عز وجل لنا تحذيراً من إفكهم قال أبو محمد رضي الله عنه ذكر في هذا المكان أن يعقوب صارع الله عز وجل تعالى الله عن ذلك وعن كل شبه لخلقه فكيف عن لعب الصراع الذي لا يفعله إلا أهل البطالة وأما أهل العقول فلا لغير ضرورة ثم لم يكتفوا بهذه الشهرة حتى قالوا إن الله عز وجل عجز عن أن يصرع يعقوب بنص كلام توراتهم وحقق ذلك قولهم عن الله تعالى أنه قال كنت قوياً على الله تعالى فكيف على الناس ولقد أخبرني بعض أهل البصر بالعبرانية أنه لذلك سماه إسرائيل وإيل بلغتهم هو اسم الله تعالى بلا شك ولا خلاف فمعناه أسر الله تذكيراً بذلك الضبط الذي كان بعد المصارعة إذ قال له دعني فقال له يعقوب لا أدعك حتى تبارك علي ولقد ضربت بهذا الفصل وجوه المتعرضين منهم للجدال في كل محفل فثبتوا على أن نص التوراة أن يعقوب صارع الوهيم وقال أن لفظ الوهيم يعبر بها عن الملك فإنما صارع ملكاً من الملائكة فقلت لهم سياق الكلام يبطل ما تقولون ضرورة فيه كنت قوياً على الله فكيف على الناس وفيه أن يعقوب قال رأيت الله مواجهة وسلمت نفسي ولا يمكن البتة أن يعجب من سلامة نفسه إذ رأى الملك ولا يبلغ من مس الملك لما نص يعقوب أن يحرم على بني إسرائيل أكل عروق الفخذ في الأبد من أجل ذلك وفيه أنه سمي الموضع بذلك فنيئيل لأنه قابل فيه إيل وهو الله عز وجل بلا احتمال عندكم ثم لو كان ملكاً كما تدعون عند المناظرة لكان أيضاً من الخطاء تصارع نبي وملك لغير معنى فهذه صفة المتحدين في العنصر لا صفة الملائكة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد أن استعرضنا القليل من الطوام التي تحتويها أسفار العهد القديم
أقول
علينا الآن أن نطرح جملة من التساؤلات و التي من خلالها يمكن استكمال هذا البحث
و قبل ذلك سأقدم لتلك التساؤلات بهذا التمهيد الصغير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمليا تعتبر التوراة التي بين أيدي اليهود اليوم هي التوراة العالمية التي عرفها عامة اليهود و بقية الشعوب غير اليهودية و ذلك قبل الميلاد المزيف بقرون
و بالطبع قد مرت هذه الصحف ببعض التعديلات بين فينة و أخرى و طبعة و أخرى
لكن جميعها لا تخرج عن الإطار العام الذي تناولناه سابقا
و أقصد أن التوراة التي يعرفها العالم اليوم
ما هي إلا نسخة تم إعدادها بصياغة خبيثة و لأغراض أخبث
لكي يتم نشرها على العامة و على الأمم و الملل المختلفة
إذن هذه النسخة تم إعدادها لمواجهة نسخ أخرى من التوراة
لم يكن اليهود الذين حلت عليهم لعنة داود و عيسى عليهما السلام
ليتقبلوا وجودها
لقد كانت عولمة التوراة و إخراجها بهذه الطريقة الخبيثة هو السهم الأخير في جعبة أعداء الله
و الذين لم يكونوا أصلا مهتمين بوجود كتاب يعري حقيقتهم و يظهر كفرهم
إذن تغيير الكتاب كان الدافع وراءه سياسي من ناحية و حقد و مكر بالفئة التي آمنت بعيسى عليه السلام و الذي بشرهم بانقطاع النبوة فيهم و انتقالها إلى أمة أحمد من بني إسماعيل من ناحية أخرى
ــــــــــــــــــ مملكة سليمان ـــــــــــــــــ
لم يذكر التاريخ أي شيء عن مملكة سليمان عليه السلام
و لا نعلم إن كان هناك تواطأ في إخفاء الأدلة و البراهين التي تؤكد حقيقة هذه المملكة العظيمة و التي دانت لملكها الإنس و الجن و الطير و غيرها
و قد مرت معنا الفقرة التي عرضنا فيها جزء من مقال للباحث الفارسي ناصر بوربيرار و نعيدها هنا لمزيد من التوضيح
ـــــــــــ
يرى الباحث الفارسي ناصر بوربيرار في كتابه 12 قرناً من السكوت، أن تلك السلالات الثلاثة (الاخمينيين والاشكانيين والساسانيين): غريبة عن محيطها الجغرافي وعن السكان الأصليين في هضبة إيران، إذ لم يبق لهم أثر في هذه الأرض بعد هزائمهم النهائية. ويقول: "لم يبق من هذه السلالات الثلاث التي حكمت بالقوة والسيف والاستبداد على الشعوب القاطنة في نجد إيران (الهضبة الإيرانية )، لم يبق منها أي أثر حضاري هام يُذكَر قياساً باليونانيين والرومان وحتى العرب الجاهليين. ما عدا أنها كانت تتقن استخدام الرمح الفارسي لمحو الشعوب التي سبقتها في نجد إيران وفتح أراضي الغير وإغراق الشعوب الأخرى -ومنهم اليونانيون والمصريون والهنود- ببحور من الدم". وأنهم جاءوا متأخرين قياساً لشعوب عاشت قبلهم بآلاف السنين. وقد قام علماء الآثار والمستشرقون اليهود بتهويل منزلتهم وسمعتهم خلافاً لحقيقتهم في التاريخ. ويرى كذلك "أنهم لم يتمتعوا لا بثقافة ولا بفن ولا باقتصاد ولا بسياسة" حيث عاشت المنطقة بفترة ظلام إلى مجيء الفتح الإسلامي
ويتحدث پورپيرار عن دور إسرائيل في إعلاء الحضارة الإيرانية الساطعة قبل الإسلام لتعميق الهوة بين الإيرانيين والعرب. فالتاريخ الإيراني يستند في كتابته إلي بحوث قام بها اليهود. إذ بذلوا جهدا لإعلاء شأن الاخمينيين كمحررين لهم وكمدمرين لحضارة بين النهرين. فاليهود يسعون ان يقدموا الاخمينيين كمبدعين للثقافة والحضارة أو أي شيء يرغبونه وذلك بسبب الخدمة التي قدمها لهم الاخمينيون بتحريرهم من سبي نبوخذ ناصر ملك بابل. فخذ علي سبيل المثال علماء الآثار والمؤرخون اليهود كـ غيريشمن و داريشتيد و اشكولر ، كما آن 90% من مؤرخي التاريخ الإيراني هم من اليهود. أي أن اليهود قاموا بتهويل تاريخ الاخمينيين، فهؤلاء حاولوا خلال المئة سنة الماضية أن يصوروا كورش في التاريخ الإيراني بشكل يتطابق وصورته في التوراة حيث تقدمه كصورة نبي، وقد نجحوا في ذلك. إذ لم يُعرف كورش في إيران حتى قبل 100 عام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذن اليهود استعدوا قبل الأوان لوئد أي دليل تاريخ يمكن أن يدينهم أو يظهر كذبهم و زيف ادعائهم بخصوص علاقتهم المشبوهة بملوك إيران في تلك الحقبة و الذي كان لهم الباع الطويل في تشكيل الدين اليهودي الجديد ممثلا بكتب عزرا
و لا يعلم إلا الله بما استعدوا أيضا و ماذا حرفوا و هم اليوم سادة العالم و المسيطرين الحقيقيين على الإعلام و الحكومات
و من الغريب بالطبع أن يختفي كل أثر تاريخ يشير إلى عظم مملكة سليمان طالما أن الأسفار اليهودية المصنعة قد نبذته و اعتبرته غير خليق بقيادة شعب مقدس
ــــــــــــــــــــــــ
لكن نحن كمسلمين نعلم أن سليمان عليه السلام قد بلغ من القوة بتمكين من الله
بحيث لا يبلغه خبر أمة كافرة إلا أرغم قادتها على الإسلام و لنا في ملكة سبأ
المثل الحي
حيث جاءه الخبر على لسان الهدد
بسم الله الرحمن الرحيم
{فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ }النمل22

فما كان من سليمان عليه السلام إلا أن أرسل لهم يقول
بسم الله الرحمن الرحيم
{أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ }النمل31
ــــــــــــــــــــــ
لا بديل عن الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
{ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ }النمل37

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
فهل كان عليه السلام ليدع أهل العراق و فارس و يغزوا اليمن
أم أن خبرهم لم يصل إليه ؟؟؟
ـــــــــــــــــ
شكك عالم الآثار إسرائيل فينكلشتاين في أسطورتي الملك داوود وسليمان الحكيم موردا قراءة جديدة لهما على ضوء أبحاث علمية مفادها أن داوود كان ربما مجرد قاطع طرق وسليمان الحكيم كان حاكم أورشليم (القدس) في زمن لم يكن عدد سكانها يتعدى بضعة ألاف. وتحول داوود الراعي والمحارب والملك وسليمان الحكيم الذي حكم بتبصر وطيبة وعدل إلى نموذجين عن الإدارة الرشيدة. غير أن فينكلشتاين أفاد في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس لمناسبة صدور كتابه الجديد بعنوان "ملوك الكتاب المقدس" في الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإسرائيل أن أي اكتشاف في مجال علم الآثار والتاريخ لم يؤكد حتى الآن أن هذين الملكين عاشا حقا. وقال "ان اسمي داوود وسليمان لم يردا في أي نص معاصر خارج الكتب المقدسة". وسبق لفينكلشتاين الذي يدير معهد علم الآثار في جامعة تل أبيب أن أثار جدلا محتدما قبل اربع سنوات عند صدور كتاب سابق ألفه بالاشتراك مع الصحافي نيل آشر سيلبرمان الذي ساهم أيضا في الكتاب الجديد. وكتب عالم الآثار في "ملوك الكتاب المقدس" إن "معظم المحطات الشهيرة في حكاية داوود وسليمان أما وهمية وإما مشكوك بصحتها من منظار تاريخي وإما مبالغ بها". و أوضح فينكلشتاين إن علماء الآثار غالبا ما استخدموا نص الكتاب المقدس "أساسا لتفسير اكتشافات علم الآثار التي تؤكد بدورها صحة الكتاب المقدس التاريخية" مضيفا إن "ما لا يبدو متماسكا يتم التغاضي عنه إلى أن ينهار البناء برمته". وينطلق الكتاب من تحديد تواريخ ملكي داوود وسليمان وهي تواريخ موضع جدل كبير فيستند فينكلشتاين إلى أدلة علمية وعلى الأخص التحاليل بمادة الكربون 14 ليحدد بداية ملك داوود في القرن العاشر قبل الميلاد في حين كان حتى الآن محددا في القرن التاسع.
وقال فينكلشتاين "إن الفارق قرن لكنه قرن حاسم". وأوضح أن مملكة يهودا في القرن التاسع كان يعمها الازدهار والنظام وكان الناس يتقنون الكتابة في ظل إدارة جديرة تركت آثارا كثيرة في حين لم يكن هذا التطور ملموسا قبل قرن ما يبعث على التشكيك في إمكانية وجود مملكة قادرة على بناء هيكل أورشليم الوارد ذكره في الكتاب المقدس. ويؤكد فينكلشتاين انه يعتمد في بحثه خط المؤرخ الفرنسي مارك بلوك و أسلوبه "التراجعي" الذي ينطلق من الحاضر لمعرفة الماضي.
وفي ما يتعلق بالمعركة بين داوود وغوليات يوضح عالم الآثار انه من غير الممكن ان تكون وقعت في القرن التاسع قبل الميلاد مشيرا إلى أن العملاق الفلسطيني يعرف عنه على انه من مدينة غات التي دمرت قبل عقود من ذلك الوقت.
وذكر فينكلشتاين أيضا أن غوليات كان يرتدي ملابس مرتزق يوناني وان حكايته مروية بأسلوب يذكرنا بأسلوب ملاحم هوميروس ولا يمكن بالتالي إلا أن يكون وضع في وقت لاحق. وبحسب عالم الآثار فان الكتاب المقدس يذهب إلى حد كشف اسم كاتب حكاية داوود وهو يدعى "الحنان". وقال فينكلشتاين ان عمليات التنقيب عن الآثار التي يديرها في موقع مجيدو الأثري شمال إسرائيل جمعت فريقا من 43 خبيرا كبيرا و اتاحت جمع أدلة علمية لا يمكن دحضها.
وقال "لم تحصل ثورة مماثلة في الدراسات التي تتناول حقبة يسوع المسيح وقد بقيت متوقفة في مرحلة بدائية جدا من علم الآثار. وهذه الثورة ضرورية وستحصل حتما".

ــــــــــــــــــــــــــــ
لا ألوم هذا اليهودي القذر في وصفه لنبي الله داوود فقد سبقه أبناء القردة بما هو أسوء
مشكلة هؤلاء القوم أن بعضهم يستميت في إلباس التاريخ الثوب الذي خاطه لهم عزرا , دون الاستعداد لتلقي أي مفاجأة و كأنهم يتعاملون من نص صحيح لا يأتيه الباطل من بين يديه و من خلفه
و قضية مملكة سليمان أثارت جدل كبير بين علماء الآثار الذين لم يجدوا للملكة سليمان أي أثر يشير إليها
و الصحيح أن الخطأ الذي وقعوا به مرده إلى اعتقادهم بأن مملكة سليمان
إنما هي مملكة كأي مملكة قامت على الأرض
عاصمة و قصور فارهة تتناسب مع الأبهة التي بنيا على موجبها بيت المقدس
و شتان بين ملك يسخر ما أنعم الله عليه من فضل في طاعة الله و بناء بيوته
و بين ملك يسخر تلك النعم لإشباع غرائزه
أما الصرح الممرد من قوارير فما هو إلا وسيلة استخدمها نبي الله سليمان عليه السلام لإقناع ملكة اليمن بالإسلام
أي أنه أستعرض ما لديه من نعم الله مما يعجز البشر بالإتيان بها كآيات
ليقنعها بالإسلام معه
بسم الله الرحمن الرحيم
وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ{43} قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{44}
ـــــــــــــــــــــــــ
إذن سليمان عليه السلام ما أحضر عرش الملكة عبثا و لا عمل الصرح عبثا
كلها وسائل لهداية الرؤوس و من ثم تتكفل الرؤوس بهداية الرعية
أما بقية أعمال سليمان و التي ذكرها لنا كتاب الله إنما هي أعمال طاعة و شكر له سبحانه
سواء علمنا المقصود بها أو لم نعلم
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }سبأ13
ـــــــــــــــــــــــ
إذن مملكة سليمان و التي دامت أربعين سنة على قولهم
كانت مملكة جهاد و تمكين لدين الله و لم تكن مملكة قصور
و آثار و بناء بلدان لإتراف اليهود
و هذا ما جعل اليهود يضمرون كل هذا الحقد على نبي الله سليمان عليه السلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخبار الأيام الثانية
الأصحَاحُ الْعَاشِرُ

11وَذَهَبَ رَحُبْعَامُ إِلَى شَكِيمَ، لأَنَّهُ جَاءَ إِلَى شَكِيمَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ لِيُمَلِّكُوهُ. 2وَلَمَّا سَمِعَ يَرُبْعَامُ بْنُ نَبَاطَ، وَهُوَ فِي مِصْرَ حَيْثُ هَرَبَ مِنْ وَجْهِ سُلَيْمَانَ الْمَلِكِ، رَجَعَ يَرُبْعَامُ مِنْ مِصْرَ. 3فَأَرْسَلُوا وَدَعَوْهُ، فَأَتَى يَرُبْعَامُ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ وَكَلَّمُوا رَحُبْعَامَ قَائِلِينََ: 4«إِنَّ أَبَاكَ قَسَّى نِيرَنَا، فَالآنَ خَفِّفْ مِنْ عُبُودِيَّةِ أَبِيكَ الْقَاسِيَةِ وَمِنْ نِيرِهِ الثَّقِيلِ الَّذِي جَعَلَهُ عَلَيْنَا فَنَخْدِمَكَ». 5فَقَالَ لَهُمُ: «ارْجِعُوا إِلَيَّ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ». فَذَهَبَ الشَّعْبُ. 6فَاسْتَشَارَ الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ الشُّيُوخَ الَّذِينَ كَانُوا يَقِفُونَ أَمَامَ سُلَيْمَانَ أَبِيهِ وَهُوَ حَيٌّ قَائِلاً: «كَيْفَ تُشِيرُونَ أَنْ أَرُدَّ جَوَابًا عَلَى هذَا الشَّعْبِ؟» 7فَكَلَّمُوهُ قَائِلِينَ: «إِنْ كُنْتَ صَالِحًا نَحْوَ هذَا الشَّعْبِ وَأَرْضَيْتَهُمْ وَكَلَّمْتَهُمْ كَلاَمًا حَسَنًا، يَكُونُونَ لَكَ عَبِيدًا كُلَّ الأَيَّامِ». 8فَتَرَكَ مَشُورَةَ الشُّيُوخِ الَّتِي أَشَارُوا بِهَا عَلَيْهِ، وَاسْتَشَارَ الأَحْدَاثَ الَّذِينَ نَشَأُوا مَعَهُ وَوَقَفُوا أَمَامَهُ، 9وَقَالَ لَهُمْ: «بِمَاذَا تُشِيرُونَ أَنْتُمْ فَنَرُدَّ جَوَابًا عَلَى هذَا الشَّعْبِ الَّذِينَ كَلَّمُونِي قَائِلِينَ: خَفِّفْ مِنَ النِّيرِ الَّذِي جَعَلَهُ عَلَيْنَا أَبُوكَ؟» 10فَكَلَّمَهُ الأَحْدَاثُ الَّذِينَ نَشَأُوا مَعَهُ قَائِلِينَ: «هكَذَا تَقُولُ لِلشَّعْبِ الَّذِينَ كَلَّمُوكَ قَائِلِينَ: إِنَّ أَبَاكَ ثَقَّلَ نِيرَنَا وَأَمَّا أَنْتَ فَخَفِّفْ عَنَّا، هكَذَا تَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ خِنْصَرِي أَغْلَظُ مِنْ مَتْنَيْ أَبِي. 11وَالآنَ أَبِي حَمَّلَكُمْ نِيرًا ثَقِيلاً وَأَنَا أَزِيدُ عَلَى نِيرِكُمْ. أَبِي أَدَّبَكُمْ بِالسِّيَاطِ وَأَمَّا أَنَا فَبِالْعَقَارِبِ». 12فَجَاءَ يَرُبْعَامُ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ إِلَى رَحُبْعَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَمَا تَكَلَّمَ الْمَلِكُ قَائِلاً: «ارْجِعُوا إِلَيَّ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ». 13فَأَجَابَهُمُ الْمَلِكُ بِقَسَاوَةٍ، وَتَرَكَ الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ مَشُورَةَ الشُّيُوخِ، 14وَكَلَّمَهُمْ حَسَبَ مَشُورَةِ الأَحْدَاثِ قَائِلاً: «أَبِي ثَقَّلَ نِيرَكُمْ وَأَنَا أَزِيدُ عَلَيْهِ. أَبِي أَدَّبَكُمْ بِالسِّيَاطِ وَأَمَّا أَنَا فَبِالْعَقَارِبِ».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لذلك مهما بحثوا فلن يجدوا و إن وجدوا و لو شيء بسيط فلن يتورع هؤلاء الخونة
عن تغيير الحقيقة و استبدال الأسماء
قلنا و رأينا في كتبهم أن سليمان عليه السلام لم يكن لينا مع بني إسرائيل خصوصا العصاة
منهم و ما أكثرهم في هذه الأمة الجاحدة
و هذا بالطبع سيدفع الكثير منهم للهجرة إلى الممالك المجاورة التي دانت بدورها لسليمان عليه السلام و لن يعدم أمثال اليهود الطريقة التي من خلالها يمكنهم استغلال كونهم من شيعة سليمان عليه السلام
فدخلوا اليمن و مصر و الجزيرة العربية و عمان و فارس و انتشروا في كل تلك البقاع
و استطاعوا أن يندمجوا مع هذه الأقوام خصوصا بعد انتشار دين التوحيد الذي عمل على ترسيخ نبي الله سليمان عليه السلام خلال حكمه
و استطاع الكثير منهم الولوج إلى المناصب الرفيعة في تلك البلاد
مما كان له الدور الفاعل للتأثير على مجريات الأحداث في فلسطين فيما بعد
تروي كتبهم أن رحبعام بن سليمان لم يستطع الحفاظ على وحدة الأرض فلسطين
فأنقسم اليهود إلى مملكتين مملكة أعلنت الكفر علانية و هي مملكة السامرة
و مملكة حافظت على دين التوحيد و التي تتألف من مدينة القدس و ضواحيها
و تؤكد رواياتهم أيضا على وجود إرتباط ما بين مملكة أشور في العراق
و مملكة يهوذا في بيت المقدس , إن ملوك أشور طالما مدوا يد المساعدة لملوك يهوذا ضد الممالك المجاورة
فما سر هذا الارتباط و ما علاقة نبي الله سليمان بهذا الأمر ؟؟
هذا ما سنحاول الكشف عنه لاحقا بإذن الله
الرواية الصحيحة التي بين أيدينا عن تعامل سليمان عليه السلام مع الممالك المجاورة هي الرواية التي وردت في كتاب الله حول قصته مع ملكة سبأ
حيث نستدل من هذه الرواية على الأسلوب الدعوي الذي انتهجه سليمان عليه السلام مع الممالك المجاورة
هو لم يكن طامعا بأرض أحد و لا راغبا بثروات تلك البلاد
لقد كان طمعه يتركز على هداية تلك الممالك و سحب شعوبها إلى عبادة الله وحده
إما رضا أو بقوة السلاح
و لا أعتقد أن هناك مملكة ستجرأ على المواجهة العسكرية مع ملك دان له بإذن الله الإنس و الجن و الحيوان
لذلك علينا أن نتصور أن لا شيء عظيم على الصعيد العسكري قد حدث في عصر سليمان خصوصا الممالك المجاورة له و التي لا بد أنها سلمت القياد له
طوعا كما فعلت ملكة اليمن
بالطبع نحن لا نجزم بإيمان الجميع , لكن لا بد أن هناك من دان له نفاقا
منتظرا وفاته عليه السلام لينقلب على عقبيه
كما فعل كفرة الشياطين


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد نحا الكفر في عصر نبي الله داوود منحا عظيما زيادة على الكفر المنتشر
في بني إسرائيل ,
و قد لعنهم داوود كما لعنهم عيسى عليهما السلام فيما بعد
أم سليمان عليه السلام فقد أدبهم و تشدد في تأديبهم
فكان أن تربصت به شياطين الإنس و الجن لشدت ما لقوا منه
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ{12}سبأ
ـــــــــــــــ
و ما أن توفى الله نبيه سليمان حتى بدأ شياطين الإنس و الجن بنشر الكفر و الضلالة بين الناس فأشاعوا عن سليمان عليه السلام بأنه ساحر و بأنه ملك الإنس و الجن بسحره
حتى جاءت براءته في كتاب الله
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ{99} أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ{100} وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ{101} وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ{102} وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ{103} البقرة
ـــــــــــــــــــــــــــ
لكن هل المسألة فقط تتعلق بإشاعة عن سحر سليمان أم أن المسألة أكبر من ذلك بكثير و ما هو الدليل الذي قدمته الشياطين لتثبت به سحر نبي الله سليمان ؟؟
في الآية 101 من سورة البقرة نلاحظ أن السياق يتكلم عن كتابين يشهد بعضهما لبعض
التوراة الصحيحة التي بين أيدي يهود المدينة و هم من بني هارون عليه السلام أي من الفئة التي أوكل إليها حمل و حفظ التوراة
تفسير القرطبي ج: 16 ص: 326
عن ابن عباس إن صفية بنت حيي ابن أخطب أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن النساء يعيرنني ويقلن لي يا يهودية بنت يهوديين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هلا قلت إن أبي هارون وإن عمي موسى وإن زوجي محمد
ـــــــــــــــــ
و القرآن الكريم الذي أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه و سلم
فلما رأى اليهود أن لا مناص أمامهم
فإما الاعتراف برسولنا محمد صلى الله عليه و سلم كما تشهد على ذلك التوراة التي بين أيديهم و إما نكران التوراة و أتباع شيء أخر بديل و مزيف
ليس فيه ما يغيظهم فكان أن رجحوا الأمر الثاني حسدا من عند أنفسهم
فأتبعوا توراة عزرا التي أملتها عليهم الشياطين من أيام سليمان
و التي كانت رائجة و متداولة لدى العامة من شعوب الأرض
اليهود و النصارى و التي هي الكتب المعروفة اليوم بأسفار بني إسرائيل و التي سبق أن بينت لكم جزء بسيطا من الكفر الذي بين دفتيه
ـــــــــــــــــــــ
تفسير أبن كثير جزأ أول صفحة 130
قال الإمام أبو جعفر بن جرير في قوله تعالى: {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات} الاَية, أي أنزلنا إليك يا محمد علامات واضحات, دالات على نبوتك, وتلك الاَيات هي ماحواه كتاب الله من خفايا علوم اليهود, ومكنونات سرائر أخبارهم وأخبار أوائلهم من بني إسرائيل, والنبأ عما تضمنته كتبهم التي لم يكن يعلمها إلا أحبارهم وعلماؤهم وما حرّفه أوائلهم وأواخرهم وبدلوه من أحكامهم التي كانت في التوراة فأطلع الله في كتابه الذي أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه
وسلم, فكان في ذلك من أمره الاَيات البينات لمن أنصف من نفسه ولم يدعها إلى هلاكها الحسد والبغي, إذ كان في فطرة كل ذي فطرة صحيحة تصديق من أتى بمثل ماجاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الاَيات البينات التي وصف من غير تعلم تعلمه من بشر, ولاأخذ شيئاً منه عن آدمي, كما قال الضحاك عن ابن عباس {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات} يقول: فأنت تتلوه عليهم وتخبرهم به غدوة وعشية وبين ذلك, وأنت عندهم أمي لم تقرأ كتاباً, وأنت تخبرهم بما في أيديهم على وجهه, يقول الله تعالى في ذلك عبرة وبيان, وعليهم حجة لوكانوا يعلمون. وقال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: قال ابن صوريا القطويني لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يامحمد, ما جئتنا بشيء نعرفه, وما أنزل الله عليك من آية بينة فنتبعك, فأنزل الله في ذلك من قوله {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون} وقال مالك بن الصيف حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم: وذكرهم ما أخذ عليهم من الميثاق وما عهد إليهم في محمد صلى الله عليه وسلم, والله ما عهد إلينا في محمد, وما أخذ علينا ميثاقاً, فأنزل الله تعالى {أو كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم} وقال الحسن البصري: في قوله{بل أكثرهم لا يؤمنون} قال: نعم, ليس في الأرض عهد يعاهدون عليه إلا نقضوه ونبذوه, يعاهدون اليوم وينقضون غداً. وقال السدي: لا يؤمنون بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. وقال قتادة: نبذه فريق منهم, أي نقضه فريق منهم. وقال ابن جرير: أصل النبذ الطرح والإلقاء, ومنه سمي اللقيط منبوذاً, ومنه سمي النبيذ, وهو التمر والزبيب إذا طرحا في الماء,
قال أبو الأسود الدؤلي:
نظرت إلى عنوانه فنبذبته كنبذك نعلاً أخلقت من نعالكا

قلت: فالقوم ذمهم الله بنبذهم العهود التي تقدم الله إليهم في التمسك بها والقيام بحقها, ولهذا أعقبهم ذلك التكذيب بالرسول المبعوث إليهم وإلى الناس كافة الذي في كتبهم نعته وصفته وأخباره, وقد أمروا فيها باتباعه ومؤازرته ونصرته, كما قال تعالى: {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل} الاَية, وقال ههنا{ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم} الاَية, أي طرح طائفة منهم كتاب الله الذي بأيديهم مما فيه البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم, أي تركوها كأنهم لا يعلمون ما فيها, وأقبلوا على تعلم السحر واتباعه, ولهذا أرادوا كيداً برسول الله صلى الله عليه وسلم وسحروه في مشط ومشاقة وجف طلعة ذكر تحت راعوفة ببئر أروان, وكان الذي تولى ذلك منهم رجل يقال له: لبيد بن الأعصم لعنه الله وقبحه, فأطلع الله على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم وشفاه منه وأنقذه, كما ثبت ذلك مبسوطاً في الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها, كما سيأتي بيانه. قال السدي {ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم} قال: لما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم عارضوه بالتوراة, فخاصموه بها, فاتفقت التوراة والقرآن, فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف, وسحر هاروت وماروت, فلم يوافق القرآن فذلك قوله{كأنهم لايعلمون} وقال قتادة في قوله {كأنهم لايعلمون} قال: إن القوم كانوا يعلمون, ولكنهم نبذوا علمهم وكتموه وجحدوا به, وقال العوفي في تفسيره عن ابن عباس في قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوالشياطين} الاَية, وكان حين ذهب ملك سليمان ارتد فئات من الجن والإنس واتبعوا الشهوات, فلما أرجع الله إلى سليمان ملكه, وقام الناس على الدين كما كان, وأن سليمان ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيه, وتوفي سليمان عليه السلام حدثان ذلك, فظهر الإنس والجن على الكتب بعد وفاة سليمان وقالوا: هذا كتاب من الله نزل على سليمان فأخفاه عنا, فأخذوا به فجعلوه ديناً, فأنزل الله تعالى {ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم} الاَية
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذن لقد ألفت شياطين الإنس و الجن لبني إسرائيل كتبا صارت لهم فيما بعد دينا و منهجا و أصبحت بعض هذه الكتب جزأ من أسفار بني إسرائيل التي انتشرت بين أيدي العوام كما أسلفنا
أما الخاصة من أحبارهم فقد ألقوا ما بين أيديهم من النسخ الصحيحة كيدا لمحمد صلى الله عليه و سلم و أتبعوا تلك الكتب و الله أعلم
و هكذا و الله أعلم تم الإجهاز على أخر النسخ الصحيحة للتوراة و لا يعلم إلا الله ما فعله أحبار اليهود بها
لقد انتظروا رسول الله صلى الله عليه و سلم قرون فلم جاءهم جحدوا رسالته فلعنة الله على الكافرين
و هكذا أصبحت نسخ التوراة التي أملاها عزرا و التي كانت هي التوراة التي تعرفها الشعوب و الأمم و التي يعرفها عامة اليهود و النصارى
أصبحت دون منازع الوحيدة بين العامة و الخاصة
بسم الله الرحمن الرحيم
{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }الأنعام20

{وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ }آل عمران187

{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }آل عمران78
ـــــــــــــــــــ
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }البقرة159

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }المائدة15
ـــــــــــــــــــــــ
فهل كانت التوراة التي أملاها عزرا من تأليف الشياطين الله أعلم
فإن لم تكن من تأليف الشياطين في ملك سليمان فهي من وحيهم لشياطين الأنس في عصر عزرا
صحيح مسلم ج: 1 ص: 12
وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن بن طاوس عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال إن في البحر شياطين مسجونة أوثقها سليمان يوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق